الصراع بين الشرق والغرب في رواية الطاحونة والجعران لعمرو محيي الدين

حجاج سلامة
الصراع بين الشرق والغرب في رواية الطاحونة والجعران لعمرو محيي الدين



كثيرة هي العوالم التي تدور في فلكها رواية "الطاحونة والجعران" لمؤلفها الدبلوماسي والكاتب المصري عمرو محيي الدين، حيث تأخذنا الرواية إلى عالم الحروب الأهلية، وقضايا الهجرة، وتنقلنا إلى ساحات الحوار والمواجهة بين الشرق والغرب .


ويقع الصراع الفكري في رواية "الطاحونة والجعران"  - والصادرة عن دار سنابل الكتاب للنشر والتوزيع بالقاهرة - بين الواقعية  التي تتجسد في شخصية بطل الرواية "أحمد" وشعوره بالعجز أمام المعاناة الإنسانية متجسدة في الألم المصاحب للمرض والحروب والمأساة ومكابدة الإنسان وشقائه في الحياة وصراعه من أجل البقاء، تلك الطاحونة التي تسحق أجساد البشر وأرواحهم وتجردهم من حريتهم وشعورهم بالإنسانية، والمثالية المتجسدة في أحلام وتطلعات الأخ الأصغر "مصطفى" وإيمانه بقدرة الإنسان على تغيير هذا الواقع والتغلب على تلك المعاناة والمرور إلى عالم أفضل مجرد من الشقاء والحزن والألم، تلك القلادة السحرية  التي يمر بها الإنسان من المأساة إلى الخلاص، كما آمن المصريون القدماء بقدرة الجعران على التحول مع تجدد الفصول. 


وتحتوي الرواية على وصف دقيق لشوارع القاهرة بمختلف مراحلها، القاهرة الأوروبية في وسط البلد والقاهرة الإسلامية في مصر القديمة، وحي المعادي وتحوله ثم المدن الجديدة وما طرأ على القاهرة من تغيرات، وكذلك لمحة حول المناطق الأثرية عند الأهرامات، كذلك وصف للإسكندرية وشوارعها ومبانيها والكورنيش والمكتبة والمسارح، ووصف دقيق للأقصر ومعالمها ومعابدها ومساجدها وكنائسها وقراها، ووصف للريف المصري والعادات والتقاليد والاحتفالات مثل السبوع والعزاء وحمل الكفن والأفراح والأعياد والموالد ورمضان وصلاة الجمعة. كذلك وصف دقيق لمدينة نيويورك ومعالمها وشوارعها وما تحمله من نقاش فكري حول الشرق والغرب، وكذلك وصف لأحوال البلدان الأفريقية والحرب الأهلية الطاحنة التي تعاني منها. 


وننقل لكم من أجواء الرواية: "يعمل الدكتور "أحمد" طبيباً بمستشفى والده وتتكالب عليه حالات المرضى التي لا تنتهي وسط آلام أبدية بينما يبقى عاجزاً لا يعرف إذا كان من الممكن أن يتدخل الطب والعلم من أجل إنقاذ البشر من هذا المصير وإنقاذ العالم من الصراع الدائر والمادية والشقاء، ويسافر للانتداب بإحدى مستشفيات الأمم المتحدة بإحدى الدول الأفريقية التي تعاني من الحروب الأهلية والصراع ولا يعرف إذا كان هذا المصير حتمياً وإذا كان هذا العمل الإنساني يمكنه من إنقاذ البلد من الحرب الأهلية والدمار أم أن كل شيء محدد سلفاً وأن العلم لا يمكنه أن إنقاذ العالم بل تحقيق الأرباح المادية للشركات العالمية والمكاسب الاستراتيجية للدول الكبرى، وعلى الجانب الآخر الأخ الأصغر مصطفى الذي يدرس الحقوق ويهوى التمثيل المسرحي متعلقاً بالخيال وحلم تغيير الواقع ويتعلق بفتاة صعيدية تدرس علم المصريات تدعى "يامنة"  التي يلتقي بها في الأقصر ولكن تتدخل الظروف وتفصل بينهما ويسافر إلى نيويورك لدراسة المسرح ويلتقى بكاثرين الأمريكية فتقع المواجهة بين الشرق والغرب، أما "نجلا" الأخت الكبرى تتزوج، هرباً من والدها ،من الدكتور "فتحي" أستاذ الجامعة الريفي الممزق بين هويته الشرقية ودراسته في الغرب،  أما الجد الأكبر الطاعن في السن الذي يحاول أن يقاوم  عجزه أمام تلاشى السلطة والسيطرة فيبقى في البيت الكبير في الأقصر مع حفيدته "فاطمة" ذات القلب الطيب والوجه القبيح تلك التي يميل قلبها إلى أحمد لكن وجهها يمنعها من البوح، ويذبحها مرور الزمن ونفور البشر". 


يُذكر أن مؤلف الرواية عمرو محيي الدين هو دبلوماسي مصري، درس العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وحصل على الماجستير في الدبلوماسية والعلاقات الدولية من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد صدر له "قادش" و"بردية اصل النظام الدولي".