كتاب يرصد كولجة التاريخ وسردية المكان في رواية عباءة غنيمة لعائشة المحمود

حجاج سلامة
كتاب يرصد كولجة التاريخ وسردية المكان في رواية عباءة غنيمة لعائشة المحمود

صدر في القاهرة حديثاً، كتاب جديد للناقد عبدالله السمطي بعنوان : ( كوْلجةُ التاريخ وسرديّة المكان: عائشة المحمود في رواية : عباءة غنيمة ) وذلك عن دار إيقاعات للنشر والتوزيع بالقاهرة ، الطبعة الأولى نوفمبر 2025م 

الكتاب عبارة عن قراءة نقدية في الرواية، حيث تنهض الرواية على جملة من المثل الفنية التي تشكل إطارًا عامًّا لعمل روائي يلوذ بالرؤية التاريخية والاجتماعية والواقعية في تحقيق متخيّل روائي له دهشته، وله سعيه الدائب صوب التميز، وقراءة اللحظة قراءة إبداعية، لها رؤيتها، ولها كينونتها السردية المائزة، وله آلياته السردية التي توازن بين الحدث التاريخي العام والحدث السردي للشخصيات داخل الرواية . 

وبحسب الكتاب، فقد اعتمدت الكاتبة في روايتها – كما يحدد السمطي في كتابه - على ما يمكن وسمه بأنه : (كَوْلجة ) للأبعاد التاريخية وتفاصيل المكان وأسطرة اللحظة إذ تنبجسُ فاعلية العمل الروائي من اللحظة التي يبدأ فيها السرد بإشاعة قدر من التوتر الدلالي لدى القارئ، هذا التوتر ينهض على الصدمة السياقية التي يُفاجأ بها أثناء القراءة، أو على الإحساس بدهشة ما مغايرة تخالف الصياغة السردية أو تخالف توقعاته كقارئ، أو ترتكز على المفارقة، أو الرؤية الضدية التي تنتج من خلال حدث ما. 

ووفقا لنصوص الكتاب، فإن هذا التوترُ يومئُ في التوّ إلى أننا تلقاء عمل مختلف، يتكلل بأبعاد بولوفونية متعددة الأصوات، متنوعة الدراما، متجددة في لحظاتها الوصفية والسردية، وهو ما يجعل العمل الروائي أكثر مصداقية من وجهته الفنية، وأكثر جذبًا للتساؤل والقراءة الفاحصة التي تذهب مع لغة الخطاب الروائي، ولغته وأبنيته التي تثير فينا وتحفزنا على إدراك يقينياتها وارتياباتها الفنية معا .  

يتكون الكتاب من ثلاثة فصول الفصل الأول: في البنية الروائية، ويتناول البنية الفنية والمضمونية التي شكلتها الكاتبة، وبنتْ عبرها العلاقات السردية ما بين تتابع الفصول من جهة، والأحداث الروائية من جهة أخرى، والرؤية السردية في الرواية من جهة ثالثة. 

الفصل الثاني: الشخصيات : المهاد والتجلي، ويركز هذا الفصل على قراءة الهواجس الداخلية للشخصيات وأسئلتها داخل الخطاب الروائي، والمآلات والتحولات التي حدثت لها في الرواية، وجدلية الأمكنة.

الفصل الثالث: قسماتُ الخطاب السردي من حيث شاعرية المقدمات،  ومستويات اللغة وقراءة الوصفي والسردي. 

ويدلنا الكتاب على أن الرواية الصادرة عن دار الساقي بلندن عام 2022م – ارتكزت على بعد مكاني جلي، يتحرك من هذه المنطقة الكويتية الصغيرة العريقة (الفريج) إلى الوطن (الكويت) ككل، إلى التنقل ما بين الكويت وبيروت والقاهرة واللاذقية وباريس.

هذان البعدان الزماني والمكاني، وسّعا من فضاء الخطاب الروائي للرواية، وأضفيا قدرا من التوتر السرديّ عبر التنقل من مكان لآخر، ومن لحظة زمنية إلى لحظة أخرى، كما وهبا الرواية بعدا سرديا دائريا، حيث كانت بدايات الرواية تعبر عن تاريخ الغزو العراقي للكويت وتعود لتنتهي به في المشاهد الأخيرة، كما بدأت بولادة (فيصل) بطل الرواية، واختتمت برحيله. 

ومن وجهة بنائية فنية وقعت الرواية في ثلاثة فصول، كل فصل تتقاطعه مجموعة من العناوين الداخلية، والمشاهد السردية المتتابعة التي تمضي للأمام، وتدفع المعرفة السردية لأمام، عبر استمرارية الأحداث، ودوامها وتنقلها من حدث إلى حدث آخر.

هكذا هي بنية الرواية التي تتخللها أحداث اجتماعية، وعاطفية رومانتيكية وواقعية قدمتها الروائية عائشة المحمود بشكل تقني محكم سواء على مستوى جماليات السرد وتعدد مستوياته أم على مستوى البنية الروائية وحركتها الفعالة الجياشة التي تشكل تفاعلا قرائيًّا بيّنًا .