بتصديرات من عنترة والخيام وأدونيس: هالة الجيرودي تمزج بين السرد والشعر والنثر في كتابها ثنايا العشق

حجاج سلامة
بتصديرات من عنترة والخيام وأدونيس:  هالة الجيرودي تمزج بين السرد والشعر والنثر في كتابها ثنايا العشق



اختارت الكاتبة السعودية هالة الجيرودي عنوان "ثنايا العشق" ليُشكل هويّة نصيّة لأول كتاب أدبي لها يتعانق فيه الشعر والنثر معا، في تكوين أسلوبي تعبيري لوصف المشاهد الرومانتيكية والرؤى الذاتية التي تندرج ما بين الواقع والحلم.

ويتشكل الكتاب الصادر حديثاً عن دار كيان للنشر بالرياض في طبعته الأولى أكتوبر 2025م من (20)  نصا ويقع في   (88)  صفحة. 

وجاءت النصوص متعددة الأشكال ما بين السرد الشعري والشعر المنثور وقصيدة النثر، في إطار مكثف وقصير أحيانا يرصد حالات ذاتية وموضوعية متعددة يغلب عليها الطابع الرومانتيكي، وتقوم الكاتبة بتصدير عدد من نصوصها من فضاءات الشعر لشعراء قدامى ومحدثين

وجاء في المقدمة النقدية للكتاب التي كتبها الناقد المصري عبدالله  السمطي: في كتابها الرائق : ( ثنايا العشق) لا تريد الكاتبة أن تسمه بهوية نوعية محددة، فهو نثر وشعر معا، وهو بوح ذاتي شفيف يركز على جوانيات الذات وتفاصيلها الرائية، وتفاصيل حواسها التي ترى أو تسمع أو تحس، بمكنونات الوجود كذلك. 

تقدم لنا هالة الجيرودي نصوصا متعددة تكتب فيها ذاتها، الكلمات تدلُّ عليها والجمل المتتابعة التي تتشح بشاعرية ما، هي سبيلها إلى درب التواصل مع الآخر، هذا الآخر الوجداني الذي تتوجه له خطابات أغلب النصوص، الذي منح الحلم والتفاؤل والأمل في الحياة، بتحريك القلب والذات معا، كما تظهر النصوص: " لغته تحمل التفاؤل، وكأني آخر أحلامه، لم أدوّنْ نقاشه على أيّ محمل" وهو " يعلن عن حياته بصدق، الباحث عن طوق نجاة، هبط بحديثه على كوكبي" .

وتضيف المقدمة: ثمة مصافحة تشعيرية تتجلى وتنسرب بين الكلمات، وهذا الصدق الواقعي الوجداني انتقل إلى صدق الكلمات نفسها، ووضوحها الدال الرهيف، من دون الاختباء خلف رمزية ما. 

إننا حيال نصوص تفيض بالرومانتيكية الطليقة، ما بين بوح النثر وتركيبية الشعر أحيانا، بصوره واستعاراته ومشاهده الجمالية. 

وهو ما يتجلى في نصوص كثيرة من الكتاب مثل : ( مجرد ميعاد، شوق مجنون، ذاك المقام، أتدري؟، وما بعد الحرف) وغيرها من النصوص التي تتقارب فيها الذات مع كلماتها البوّاحة دون شطط، ودون الإيغال في البنى التركيبية المعقدة، فالكاتبة تذهب للدلالات الشفيفة دائما في مختلف نصوصها، ومن أجواء الكتاب بعنوان : شوق مجنون تقول هالة الجيرودي: 

ربما كتبَ لي ذات وقت: 

اقتربي مني وسلّميني

دقات قلبك ثانية

يا شوقي المجنون،،

أوقفي ذاك العناد

واعبري شواطئ الخيبة


وفي نص آخر تقول: 

لا تكنْ  صوت الحياة المتعبة

ولا تربكني بانتظارِ محطّاتِ الأمل

يا طوق الأمنيات ،،

لأجل الحرفِ وما بعد الحرفِ

الذي هداني إليكَ

لو أنّي أعلمُ موقنةً

بأن حرفي يستبيح قلبكَ

لبعثت بألف كلمة

تُسجن عند بابكَ

فمازلتُ فقيرة المعرفة

بكَ ومع المستحيل.

إن كتابة هالة الجيرودي – كما تقول المقدمة -  تقلنا صوب ابتكار الذات لعوالمها الصغيرة، وتحويلها إلى عوالم شاسعة مترعة بالوجد والاشتياق والوصل، حتى إنها تقوم بتصدير بعض نصوصها بأبيات شعرية أو عبارات متنوعة، ما بين الوجداني والروحي والواقعي والرومانتيكي والتأمل في الحياة، وأيضا في التعبد والخشوع لله، وفي رصد الصيرورة الإنسانية، وكوامن الإنسان خلال إقامته في الوجود، فنجد أشعار عنترة بن شداد العبسي ، وعلي بن حزم الأندلسي، وإيليا أبي ماضي جنبا إلى جنب مع أشعار وكتابات عمر الخيام وأدونيس وسفيان بن عيينة، في نصوص متنوعة التوجه ، مطرزة بأبعاد تناصية حينا، أو بعبارات دارجة حينا آخر، أو بقيم فكرية حينا آخر .