السرد الجنوبي بين التحدي والابتكار.. ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب تناقش مستقبل الأدب في الصعيد

حجاج سلامة
السرد الجنوبي بين التحدي والابتكار.. ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب تناقش مستقبل الأدب في الصعيد

في إطار فعاليات معرض الأقصر الرابع للكتاب الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب وتحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، عُقدت ندوة أدبية بعنوان «إشكاليات السرد في الجنوب»، بهدف تعميق الحوار النقدي وإثراء المشهد الأدبي المصري، خصوصًا في الأقاليم الجنوبية التي تمثل رافدًا أصيلًا من روافد الإبداع الوطني.

شارك في الندوة كل من الروائي والقاص ياسر سليمان باشري، والروائية الدكتورة هدى عبد الهادي، والروائي والقاص ناصر خليل، حيث تناول المشاركون أبرز التحديات التي تواجه السرد في الجنوب، وما طرأ على المشهد من تحولات في ظل التطور الرقمي وتعدد منصات النشر.

استهل ياسر سليمان باشري حديثه بالتوقف أمام تجربة «ورشة المصطبة»، باعتبارها نموذجًا ثقافيًا فاعلًا في دعم المبدعين من خلال الورش الفنية والأنشطة النقدية التي تتيح تبادل الخبرات بين الكتّاب الشباب. وأكد أن الجنوب يزخر بمواهب كبيرة تحتاج فقط إلى مناخ ثقافي محفّز واهتمام مؤسسي حقيقي، مشيرًا إلى أن المؤسسات الرسمية تمتلك الهياكل التنظيمية لكنها تفتقر إلى الفاعلية الميدانية، داعيًا إلى تفعيل دورها في رعاية الأدب وتبني التجارب الجديدة. كما نوّه بدور بيت الشعر بالأقصر الذي أسهم في دعم الحركة الأدبية والنقدية بالصعيد من خلال فعالياته المنتظمة وبرامجه الداعمة للمواهب.

أما الدكتورة هدى عبد الهادي، فقد تحدثت عن تجربتها الأدبية الممتدة، مؤكدة أنها أنجزت تسعة أعمال تنوعت بين القصة القصيرة والرواية، رغم محدودية الدعم المتاح في المحافظات البعيدة عن المركز الثقافي للعاصمة. وأشارت إلى أن نجاح أي تجربة إبداعية في الجنوب يعتمد على المثابرة والاعتماد على الذات، فالموهبة — على حد قولها — تظل القاسم المشترك الذي يتجاوز العقبات ويمنح العمل صدقه الإنساني وملامحه المحلية الأصيلة.

وتناول الروائي ناصر خليل في مداخلته أزمة غياب النقد المواكب للإنتاج الأدبي الجنوبي، معتبرًا أن النقد هو «الرافعة التي تتيح للنصوص أن تنمو وتتحول إلى ظاهرة ثقافية». وأضاف أن انحسار الخطاب النقدي في الجامعات والمجلات الثقافية أدى إلى فجوة بين المبدعين والنقاد، ما يهدد بتجميد حركة التجريب السردي. ودعا إلى إطلاق مبادرات نقدية جادة تُعيد الاعتبار للنقد بوصفه شريكًا للإبداع لا تابعًا له.

وفي ختام الندوة، أجمع المتحدثون على ضرورة التعاون بين المؤسسات الثقافية والجامعات الإقليمية لتأسيس رؤية متكاملة تُسهم في تطوير المشهد السردي في الجنوب، وتعيد للنقد مكانته كأداة للوعي والتنوير، مؤكدين أن السرد الجنوبي بات أكثر حضورًا وتأثيرًا في المشهد الأدبي المصري والعربي، بما يحمله من خصوصية المكان وثراء التجربة الإنسانية.

واختُتمت فعاليات اليوم بفقرة فنية لفرقة قنا للإنشاد الديني، التي قدمت باقة من الأناشيد الروحية مثل: «أمن تذكر»، «يا رسول الله أجرنا»، «طاب لي»، «كل الناس بيقولوا يا رب»، وسط تفاعل كبير من جمهور المعرض الذي امتلأت جنباته بروح الفن والكلمة والنور.