الأقصر.. ذاكرة الحضارة وخلود الإنسان في ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب

حجاج سلامة
الأقصر.. ذاكرة الحضارة وخلود الإنسان في ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب

في إطار محور «جسور الفكر والثقافة»، وتحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، نظم معرض الأقصر الرابع للكتاب الذي تقيمه الهيئة المصرية العامة للكتاب ندوة فكرية بعنوان «الأقصر.. عراقة الوجود الإنساني». شارك فيها الدكتورة رضا عطا الله، أستاذ الآثار والديانة المصرية المساعد بكلية الآثار جامعة الأقصر ومستشار رئيس الجامعة للتواصل المجتمعي، والدكتور سلامة حامد، أستاذ الآثار الإسلامية المساعد بكلية الآثار، وأدارها الدكتور محمد محيي، المفتش بوزارة السياحة والآثار بالأقصر.

استهل الدكتور محمد محيي الندوة بالتأكيد على أن الأقصر ليست مجرد مدينة أثرية، بل سجل حي للحضارة المصرية التي امتدت جذورها منذ فجر التاريخ وحتى العصور الحديثة، مشيرًا إلى أن كل معبد أو نقش فيها يمثل شهادة على عمق التجربة الإنسانية التي سكنت ضفاف النيل.

وقدمت الدكتورة رضا عطا الله عرضًا تاريخيًا متكاملًا لمسيرة المدينة منذ أن كانت تُعرف باسم «واست» أي الصولجان، رمز الحكم، و*«إيونو شمعو»* أي عمود الصعيد، موضحةً أن هذه الأسماء تكشف عن مكانة الأقصر كمركز للسلطة والروح والعقيدة في مصر القديمة. وأضافت أن المدينة كانت — وما زالت — عاصمة للفكر والفن والتراث، تجمع بين الجلال المادي في معابدها ومقابرها، والتراث اللامادي المتجسد في عادات أهلها وموروثهم الشعبي.

وتطرقت عطا الله إلى أهمية التراث الطبيعي في الأقصر، لا سيما محمية الدبابية، التي تمثل سجلًا جيولوجيًا فريدًا للعصور القديمة، مؤكدة أن المدينة جمعت بين القداسة والقيادة والجمال الطبيعي في تمازج نادر يميزها عن سائر المدن.

أما الدكتور سلامة حامد، فتناول مراحل تطور طيبة خلال العصور المسيحية والإسلامية، موضحًا كيف تحولت المعابد القديمة إلى كنائس ثم إلى مساجد، في دلالة على استمرار الروح الدينية في أرض واحدة رغم تغيّر العصور. واستشهد بمثال مسجد العارف بالله سيدي أبي الحجاج الأقصري المشيد فوق أنقاض الكنيسة الرومانية داخل معبد الأقصر، بوصفه رمزًا لتواصل الإيمان والروحانية.

كما استعرض حامد المعالم الإسلامية في المدينة مثل وكالة الجداوي بإسنا وخان الشنقير، اللذين يعكسان ازدهار النشاط التجاري والثقافي في تلك العصور، مشيرًا إلى أن الأقصر كانت محطة رئيسية لقوافل الحج الأفريقية المتجهة إلى الحجاز، ما جعلها مركزًا للتبادل الثقافي والاقتصادي عبر القرون.

 

وفي ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن الأقصر ليست فقط مدينة الألف باب، بل مدينة الألف حضارة، وأنها تظل رمزًا خالدًا لعراقة الوجود الإنساني واستمراره، حيث تلتقي على أرضها الأسطورة والتاريخ والدين والفن في مشهد حضاري لا ينتهي.