أولجا مانسيا من البيولوجى إلى فنون المسرح ومهارات التمثيل

كافيين آرت نيوز
أولجا مانسيا من البيولوجى إلى فنون المسرح ومهارات التمثيل


     تامر صلاح الدين- مصر



بسبب مشهد واحد أدته الفنانة الإسبانية أولجا مانسللا فى فيلم  Secundarias   لمواطنها المخرج آرتورو دوينياس هيريرو الذى فاز بجائزة يوسف شاهين للإخراج السينمائى المتميز فى مهرجان الأسكندرية الدولى لسينما البحر المتوسط فى دورته ال 41 - والذى شهدته المدينة المصرية المتميزة بتاريخها وثقافة أبناءها- فى الفترة من 2 إلى 6  أكتوبر الجارى، مانسيلا فى دورها كمساعدة ملابس فى مسرحية تاريخية تنقل لك إحساسا خفيا بقدرتها على لعب شخصيات متناقضة، ففى "دردشتها" مع بطلة شابة داخل الفيلم تحكى عن أحلامها، وتكشف لنا حفظها لحوار كل أبطال العمل، وتشير إلى أمنيتها أن تصعد على المسرح لتؤدى دور أحد شخصيات الرواية التاريخية، فهل تمكنت من ذلك على مستوى النص، وكذلك من حيث جودة الأداء؟

من إمرأة عاملة إلى ملكة حقيقية:

تأتى الفرصة، غابت البطلة التى تؤدى دور الملكة، مخرج العرض لم يعرف بعد، وكذلك الممثلون على الخشبة، بسرعة، بابتسامة خافتة، وحماس متقد، تطلب مساعدة ممثلة شابة، تعاونها فى إرتداء الملابس الملكية، تضع لها التاج، لتصنع مشهد دخول عبقرى، ساعدها فيه تقنية التصوير "الإخبارى"  Camera on shoulder التى استخدمها مخرج العمل، توفيرا للنفقات، حيث أتم التصوير فى مشهد واحد One Shot وهى نقطة أخرى تثير الدهشة لأن الفيلم روائى طويل، وليس مجرد قصة قصيرة تستغرق بضع دقائق على الشاشة، إرتدت أولجا ملابس الشخصية، لكنها لم تزل إمرأة عاملة، توجهت إلى الكالوس، نظرت باستقامة إلى خشبة المسرح، وضعت على شفتيها ابتسامة خفيفة كمن رأت أخيرا حلمها قيد التحقق، لكنها حتى اللحظة لا زالت إمرأة بسيطة، خطت خطوتين إلى الوراء، تنفست، رفعت رأسها ومضت إلى "البروفة" كمن عاشت عمرها كله فى القصور الملكية، خطوات واثقة متزنة، أنف أشم، ظهر مستقيم، تقدمت بلا تردد وبلا اندفاع تسكب باقتدار دورها كملكة تواجه ملك عنيد فى حقبة تاريخية دارت فى البلاط الإسبانى فى القرن السادس عشر، حيث اختلط دورها فى الرواية مع دورها فى الحياة "كسيدة ثانوية" وقد أجادت لعب الدورين.

أولجا من؟

Olga Mansilla سيدة إسبانية، مرت بكثير من التجارب فى حياتها الواقعية، واكتسبت خبرات لا تتوفر لنساء كثيرات، فبعد دراستها للبيولوجيا فى موطنها، قررت  أن تترك مجال العلم، لتتفرغ للفن، كممثلة مسرحية، وصانعة دمى، ومحترفة فى إنتاج وتجهيز الأزياء والملابس المسرحية: تنشط مع فرقة Teatro Corsario، وهي من الفرق المستقلة المعروفة في إسبانيا، خاصة في منطقة قشتالة وليون (Castilla y León) وفى أثناء عملها مع Teatro Corsario، تطوّعت وعملت في مجالات فنية متعددة ، الأمر الذي يعطيها خبرة شاملة على عمليات الإنتاج المسرحي وليس فقط التمثيل.

الخبرة تؤتى ثمارها:

من البيولوجيا إلى المسرح، ومن صناعة الدمى إلى تقمّص الملكات، تمضي أولجا مانسيلا في مسار غير تقليدي يجعل منها فنانة متعددة الوجوه والمهارات، لا تتعامل مع الفن كمهنة، بل كرحلة اكتشاف دائم للذات وللآخرين. حضورها في Secundarias لم يكن مجرد أداء عابر، بل تلخيص لمسيرتها الطويلة في "Teatro Corsario" حيث شاركت في أعمال مثل La Barraca de Colón وEl Burlador de Sevilla وClásicos en los parques، إلى جانب تصميمها لملابس وإكسسوارات عشرات العروض المستقلة.

 

إن مشاهدها المؤثرة فى الفيلم الأخير للمخرج آرتورو دونياس هيريرو ، كان كافياً ليعيد تعريف "الدور الثانوي" كمساحة تتوهج فيها الموهبة الصادقة، وتبرهن أن الفن العظيم لا يُقاس بحجم المشهد أو شهرة البطل، بل بعمق اللحظة التي تبقى في الذاكرة.