سيدة البريق الدائم

تامر صلاح الدين
سيدة البريق الدائم


النجمة ليلى علوي تنير سماء المتوسط في الدورة الـ41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي

 

ليلى اسم علم تسمى به الإناث، ومن بين معانيه فى المعاجم: تصغير ليلة، وقوة العشق، ارتبط الاسم كذلك بشدة الوجد والهيام وصار رمزا للهوى بعيد المنال بسبب حب قيس لليلى قديما، أما نجمتنا ليلى علوى فكانت فتاة صغيرة عندما  اكتشفها نور الشريف وقدمها للفن المصري، ولدت في القاهرة لأب مصري وأم يونانية، لتصبح بعد سنوات قليلة من الظهور الأول إحدى أيقونات الشاشة المصرية والعربية ورمزاً فنياً يسعد جمهوره عبر السينما والتليفزيون والمسرح، وفنانتنا الكبيرة ليست مجرد نجمة ساطعة، بل قصة متكاملة من الإصرار، الموهبة، والتجدد الدائم.

 

البدايات.. من الطفولة إلى السينما:

بدأت مشوارها منذ طفولتها عبر برامج الإذاعة والتليفزيون، ثم لفتت انتباه الممثل الكبير نور الشريف الذي آمن بموهبتها وقدّمها إلى المسرح والسينما.

 جاءت انطلاقتها الحقيقية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، حيث سرعان ما أثبتت أنها صاحبة حضور قوي وأداء متنوع يتيح لها الانتقال بين الأدوار الاجتماعية، الكوميدية، والتراجيدية بسلاسة لافتة    .

  •  

مسيرة تتسع كالبحر:

على مدى أكثر من أربعة عقود، قدّمت ليلى علوي ما يزيد على سبعين فيلماً وعشرات الأعمال الدرامية التي حفرت في ذاكرة المشاهد المصري والعربي، إضافة إلى أعمالها الإذاعية حيث صرحت من قبل أن أول عمل لها كان فى إذاعة الشرق الأوسط وكان أجرها 75 قرش، كما ظهرت عبر أثير إذاعة FM فى برنامج "كان عمرى 20 " والتى استرجعت خلاله ذكرياتها منذ الطفولة.

ومن أفلامها التي حظيت بتقدير نقدي وشعبي حب البنات، إعدام ميت، يا دنيا يا غرامي، ألوان السما السبعة، وغيرها؛ أما في التليفزيون فقد تميزت بأعمال مثل حديث الصباح والمساء، نور الصباح، فرح ليلى، إضافة إلى حضورها المسرحي الذي رسخها كفنانة متعددة الوجوه.

 

التكريمات.. شهادة محبة وإبداع:

حصدت ليلى علوي جوائز وتكريمات من مهرجانات مصرية وعربية، وشاركت في لجان تحكيم بمهرجانات دولية، وهو ما يعكس مكانتها كاسم فني له ثقل في المشهد السينمائي. وفي الدورة ال41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، يلتفت إليها الجميع باعتبارها رمزاً للسينما المصرية المعاصرة، وواحدة من الأصوات التي لم يخفت بريقها رغم تعدد أزمات السينما المصرية.

 

حياتها خلف الأضواء:

بعيداً عن الكاميرا، تُعرف ليلى علوي بإنسانيتها وهدوئها، تحرص على المشاركة في فعاليات اجتماعية وثقافية، وتولي اهتماماً خاصاً بالأسرة بعيداً عن صخب الشهرة، هذه اللمسات الإنسانية تضيف إلى صورتها العامة دفئاً خاصاً، وتجعلها أقرب إلى جمهورها.

 

من ذاكرة الاحتفالات:

لا تكتمل صورة النجمة ليلى علوي إلا بتلك المواقف الصغيرة التي تحفظها ذاكرة المهرجانات والجمهور؛ فهي ليست مجرد ممثلة تدخل قاعة العرض ثم تغادر، بل ضيفة محبوبة تبقى في الوجدان.

في إحدى دورات مهرجان القاهرة السينمائي، التف حولها مجموعة من الفتيات الصغيرات وطلبن التقاط صورة معها، لم تكتفِ بابتسامة عابرة، بل جلست بينهن على الأرض، ضاحكة، لتبدو كإحدى أخواتهن، هذه البساطة والدفء الإنساني هما ما جعلاها قريبة من الناس مهما علت مكانتها الفنية.

وفي مهرجان الإسكندرية، عُرفت ليلى علوي بقدرتها على إذابة الحواجز مع الصحفيين والمراسلين، فهي كثيرًا ما تمازحهم أو تستعيد ذكريات قديمة معهم، وكأنها تحرص على أن تبقى العلاقة بين النجم والصحافة علاقة ود وصداقة لا مجرد أسئلة وأجوبة، أحد المراسلين روى أنها مازحته قائلة:  "لسه بتكتب عني بنفس الحماس؟" فرد عليها:  "لأنك لسه بنفس البريق"

حتى بين زملائها من الفنانين، هناك حكايات عن روحها المرحة، يُذكر أنها في كواليس أحد أفلامها في التسعينيات كانت تبادر بقراءة النكات أو استرجاع مواقف من طفولتها، لتخفف من توتر التصوير الطويل، هذه القدرة على إدخال البهجة جعلتها "روح الفريق" في مواقع العمل.

 

سيدة البريق الذى لا يخفت:

في الدورة ال41  لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، ليلى علوي ليست مجرد ضيفة شرف أو فنانة مُكرَّمة، بل رمزاً متجدداً لبهجة الفن المصري ووجهه الأصيل. خمس وأربعون عاما من العطاء لم تُطفئ وهجها، بل زادتها رسوخاً ولمعاناً، مثل منارة بحرية تقف على شاطئ المتوسط، تهدي الأجيال الجديدة إلى دروب السينما وتذكّرهم أن الإبداع لا يشيخ.

وهي أيضاً الإنسانة التي اختارت أن تكون قريبة من الناس، تبتسم لهم، وتترك في كل مهرجان قصة تُروى وذكرى تُحكى.

في زمن تتبدل فيه الأسماء وتتعاقب النجوم، تظل ليلى علوي علامة ثابتة على أن الفن الحقيقي لا يعرف تقادم السنين، بل يزداد قيمة كلما مرّ عليه الزمن. إنّها ببساطة "سيدة البريق" التي ما زالت تنير سماء المتوسط.