الإعلام والوعي الجمعي في صالون ثقافي بالإسكندرية

استضاف قصر ثقافة الأنفوشي، بالإسكندرية، فعاليات الصالون الثقافي، الذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، بالتعاون مع جمعية أرض الذهب للتنمية الثقافية والاجتماعية، بالتعاون مع تحت عنوان "الإعلام والوعي الجمعي".

شارك في الفعاليات أبطال حرب أكتوبر: اللواء مدحت عاصم، اللواء أحمد ونيس، مدير معهد المخابرات الحربية الأسبق، اللواء سامي الخولي، من قيادات سلاح الإشارة، لواء طيار سمير عزيز، اللواء محيي نوح بطل معركة رأس العش، واللواء نبيل عبد الوهاب بطل الضفادع البشرية، د. نادية النشار، رئيس إذاعة شبكة الشباب والرياضة، د. أيمن عدلي، رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الصحفيين.

 وشهد ذلك حضور الفنانة د. منال يمني، مدير فرع ثقافة الإسكندرية، إلى جانب لفيف من المثقفين والأدباء والإعلاميين.

قدمت الصالون الإعلامية ميرفت طاهر، كبير مذيعين بشبكة صوت العرب ورئيس جمعية أرض الذهب.

بدأت الفعاليات بالسلام الوطني، أعقبه عرض فيلم تسجيلي تضمن مشاهد عن تلاحم الشعب المصري في الثورات وبطولات حرب أكتوبر، ودور الأبطال الراحلين الذين شاركوا في نصر أكتوبر وهم الرئيس محمد أنور السادات، الشهيد إبراهيم الرفاعي، الفريق أحمد إسماعيل، الفريق سعد الدين الشاذلي، الفريق محمد عبد الغني الجمسي، والشهيد عبد المنعم رياض.

في كلمتها، رحبت الإعلامية ميرفت طاهر بالحضور، معربة عن تقديرها لوزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة على استضافة مثل هذه الفعاليات التي تجمع نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.

وأكدت أن هذه اللقاءات تأتي مواكبة لمتطلبات المرحلة الراهنة التي تفرض الحاجة الملحة إلى رفع مستوى الوعي الجمعي، خاصة بين الشباب باعتبارهم أمل مصر ومستقبلها، موضحة أن الفعالية تأتي في إطار مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها"، بهدف تذكير الأجيال ببطولات أبطال حرب أكتوبر، والتعريف بإنجازاتهم من خلال شهاداتهم الحية، بما يعزز الهوية المصرية ويرسخ الوعي بين المواطنين.

أعقب ذلك أوبريت غنائي بعنوان "ملحمة مصرية"، قدمه شعراء الصالون، وتناول صمود الشعب المصري وكفاح الأبطال وتضحيات الشهداء الذين سطروا بدمائهم صفحات خالدة من تاريخ الوطن، كما أبرز الدور العظيم للجيش في حماية البلاد.

كما تضمن البرنامج فقرة غنائية قدم خلالها الفنانون المشاركون باقة من الأغاني الوطنية والتراثية الشهيرة منها: عظيمة يا مصر، يا إسكندرية بحرك عجايب، سلمولي على مصر، مصر التي في خاطري، ومكتوبلي أغنيلك، وتخللتها فقرة إنشاد للمنشد السوري أحمد سليمان، فيما ألقت الإعلامية هبة السايس قصيدة وطنية بعنوان "أنا من قلبي بحب بلادي".

وتواصلت الفعاليات مع شهادات أبطال حرب أكتوبر الذين استعادوا أمام الحضور تفاصيل المعارك والبطولات: استهلها اللواء محيي نوح، معربا عن سعادته بوجوده في الإسكندرية ومشاركته في هذا اللقاء لتعريف الأجيال الجديدة بأحداث النصر، موجها التهنئة بذكرى أكتوبر.

كما تحدث تفصيليا عن معركة رأس العش والاشتباكات التي استمرت مع العدو لمدة 8 ساعات، وأكد أن تلك الحادثة كانت الشرارة الأولى لحرب الاستنزاف التي استمرت ثلاث سنوات على ضفتي قناة السويس، مشيدا بشراسة المقاتل المصري الذي واجه العدو بأسلحة بسيطة، وتمكن من كسر الصورة النمطية له بأنه جيش لا يقهر.

وأكد اللواء سامي الخولي أن المجموعة 39 قتال أعادت الثقة للمقاتل المصري وللقوات المسلحة كلها، حتى أطلق عليها موشى ديان لقب "مجموعة الأشباح". 

وأوضح أنه لم يتمكن من المشاركة في العبور يوم 6 أكتوبر لانتمائه للفرقة 21 احتياط، لكنه شارك في الاشتباكات التي تلت العبور، وكان ضمن القوات التي عبرت ليلة 10 أكتوبر.

أما اللواء طيار سمير عزيز، تحدث عن حبه للوطن، ما دفعه للالتحاق بكلية الطيران عام 1960، ثم المشاركة في أربع حروب متتالية بعد التخرج وهي حرب اليمن، حرب الاستنزاف، حرب 1967، وحرب أكتوبر.

كما استعرض بطولاته خلال حرب الاستنزاف وكيف تمكن من إسقاط ثلاث طائرات معادية، مؤكدا أن الطيارين المصريين خاضوا معارك جوية قاسية لحماية سماء الوطن وفتح الطريق أمام نصر أكتوبر، ليسجلوا مع رفاقهم ملحمة تذكرها الأجيال بكل فخر.

وتناول اللواء أحمد ونيس في كلمته رحلة دراسته بالكلية الحربية وكيف تتلمذ على أيدي أبطال أكتوبر، مؤكدا أن النصر العظيم عام 1973 كان تتويجا لسنوات من التدريب والاستعداد من أجل استعادة سيناء. 

وأوضح أن مصر انتقلت بعد النصر من حالة الركود إلى عصر جديد من التطوير، مختتما كلمته بتوجيه الشكر للهيئة العامة لقصور الثقافة على استضافة مثل هذه الفعاليات التي تتيح للأجيال التعرف على حقائق النصر عن قرب.

وفي كلمته، أشار اللواء مدحت عاصم إلى أن انتصار أكتوبر تحقق بفضل وحدة الشعب مع جيشه، مؤكدا على دور الأغاني الوطنية التي لعبت دورا هاما في رفع معنويات المقاتلين والجماهير على حد سواء.

هذا واستعرض اللواء نبيل عبد الوهاب دوره كقائد ضمن مجموعة تدمير ميناء إيلات الإسرائيلي خلال حرب الاستنزاف، موضحا أن العملية جرت عبر ثلاث مراحل منفصلة، وأنها خططت بدقة على يد قائد القوات البحرية الفريق محمود فهمي. 

كما روى تفاصيل مؤثرة عن استشهاد رفيقه الرقيب محمد فوزي البرقوقي، الذي تعرض لتسمم بالأكسجين أثناء العملية ورفض أن يترك جثمانه للعدو، وقام بسحبه معه من إيلات إلى خليج العقبة، وصولا إلى القاهرة.

كما تضمنت فعاليات الصالون المنفذ بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي بإدارة محمد حمدي، ومن خلال فرع ثقافة الإسكندرية، لقاء بعنوان "الإعلام ومعركة الوعي"، استهله الدكتور محمد رضا، استشاري الطب النفسي، بحديث أوضح خلاله مفهوم الحرب النفسية وتأثير الشائعات على الوعي، مؤكدا ضرورة تربية النشء على قراءة التاريخ وغرس القيم الإيجابية وتقديم رموز البطولة كنماذج يحتذى بها.

بدوره تحدث الدكتور أيمن عدلي عن مفهوم الوعي، موضحا أنه يمثل قدرة المواطن على فهم التحديات والمتغيرات من حوله واتخاذ القرار الأنسب.

 وأشار إلى أن بناء الوعي يمثل حجر الأساس في رؤية مصر لبناء الإنسان، واستعرض أنواع الوعي: ومنها الفردي ويعني وعي الفرد بواقعه وذاته، والمجتمعي وهو يتشكل عبر المعرفة المتبادلة والسلوكيات المشتركة، وحذر في الوقت نفسه من مخاطر الوعي الزائف الناتج عن المعلومات المغلوطة، مشيرا إلى أن غياب الوعي يقود إلى الانحدار الأخلاقي، وانعدام الثقة، وتفشي اللامبالاة، وانتشار الإرهاب، وتهديد الأمن القومي.

واختتم حديثه بتقديم مقترحات لتشكيل الوعي الإيجابي منها: التوعية بأساليب الخداع الرقمي، نشر الثقافة المعلوماتية، محو الأمية الرقمية، هذا بالإضافة تكاتف جميع مؤسسات المجتمع كالمدارس والجامعات، الإعلام، والفن، وغيرها.

وأكدت الدكتورة نادية النشار، على دور الإعلام الفاعل في تحريك الوعي الجمعي، مشيرة إلى ضرورة أن يعي الفرد قدراته جيدا، مستلهما الأمل من النماذج القيادية وعلى رأسها أبطال نصر أكتوبر، فالمعركة الحالية "معركة وعي" تتطلب أن يكون لدى الأجيال رؤية واضحة وأهداف محددة.

وفي ختام الفعاليات، جرى تكريم أبطال حرب أكتوبر تقديرا لعطائهم وتضحياتهم، كما قدمت فرقة الأنفوشي للموسيقى العربية بقيادة المايسترو هيثم مدحت بسيوني، مجموعة من أجمل الأغاني الوطنية التي تفاعل معها الجمهور، منها: بسم الله، رايات النصر، خلي السلاح صاحي، أحلف بسماها، حلوة بلادي، مصر تتحدث عن نفسها، بلد التاريخ، وعربية يا أرض فلسطين.