خبراء يُناقشون حاضر ومستقبل التراث العربي في ندوة بالشارقة

حجاج سلامة
خبراء يُناقشون حاضر ومستقبل التراث العربي في ندوة بالشارقة



قال خبراء وباحثون إن الجامعات العربية تتجاهل وضع مناهج لتدريس التراث بوجه عام، والتراث اللا مادي بوجه خاص، واشاروا إلى أن المعارف الشعبية غائبة عن المناهج الدراسية بالمدارس والجامعات، وأجمعوا على أن الحاجة الماسة لافتتاح كليات متخصصة لتدريس التراث.


جاء ذلك خلال ندوة أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ 25 من ملتقى الشارقة الدولي للتراث، وحملت عنوان"اليوبيل الفضي لملتقى الشارقة الدولي للراوي من المحلية إلى العالمية"، وتحدّث فيها الدكتور عبدالعزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس اللجنة العليا للملتقى، وعائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي، والمنسقة العامة للملتقى، وأدارتها الإعلامية هند عليقات.

وأكد خبراء وباحثون في نقاشات مفتوحة أعقبت الندوة، على أن الثقافة الشعبية هي مصدر لكل الثقافات الإنسانية، مطالبين بأن يكون التراث وأدب الرحلة وكل الآداب والفنون الشعبية جزء من المناهج الدراسية بالمدارس والجامعات العربية.


وأشاد الحضور من الخبراء والباحثين العرب، بجهود معهد الشارقة للتراث في مجال صون وإحياء التراث بكل صوره، وثمّنوا النجاحات التي حققها ملتقى الشارقة الدولي للراوي على مدار 25 عاما، ورأى الحضور أن ملتقى الراوي "نقل الحكاية والراوي الشعبي من المجهول إلى المعلوم، ومن الغياب إلى الحضور". ولفتوا إلى ما شاهدوه من شغف طلاب المدارس من زوّار الملتقى لسماع الحكايات. وأن ذلك الشغف يدفع إلى ضرورة تدريب الراوي بنفس الاهتمام الذي يتم به تدريب الباحث ليكون قادراً على إيصال رسالته لكل الناس بمختلف أعمارهم وثقافاتهم.


وخلال الندوة قال الدكتور عبدالعزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس اللجنة العليا لملتقى الشارقة الدولي للراوي، إن الجامعات العربية تترفع عن تدريس التراث، وتتجاهل وضعه ضمن مناهج الدراسة بها، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه الجامعات الأوروبية والأمريكية تدريس التراث قبل نصف قرن.


وأضاف أن تجربة الشارقة في جمع الموروث وتوثيق الحكايات في الثمانينات من القرن الماضي، وأن ذلك تواكب مع البدايات الأولي لاهتمام الإمارات ودول الخليج العربي بالتراث والموروث الشعبي والسعي لجمعه وإحيائه.


وأكد "المسلّم" على أنه ليس بإمكان أي شخص أن يكون راوياً، وأن الراوي يحتاج لأن يتمتع بخبرات الممثل وأن يكون لديه القدرة على ربط الناس بحكاياته. ورأي أن المرأة أكثر قُدرة على الحكي، وأن المرأة الحكواتية هي الأكثر قدرة على التأثير في الجمهور، مشيراً إلى حكايات الجدات في "المرمس" وهو مجلس تتجمع فيه النساء لسماع حكايات الجدات، وكان يُقام من جريد النخيل خارج المنزل.


وتحدث عبدالعزيز المسلّم عن جهود معهد الشارقة للتراث في تشجيع دراسة التراث، ونوّه بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسي، عضو المجلس الأعلى للدولة، حكام الشارقة، بشأن إيجاد برامج لإتاحة الفرصة أمام الباحثين للقيام بدراساتهم العليا في مجال التراث، وذلك بالتعاون بين المعهد والجامعات الإماراتية والمؤسسات الدولية.


وبيّن وجود تجارب جيدة في مجال حماية في بلدان عربية عديدة منها مصر والسودان والمملكة العربية السعودية والمملكة المغربية وغيرها، واشاد بتجربة جمهورية المالديف التي اختيرت كضيف شرف لملتقى الشارقة للراوي هذا العام، والتي حين قررت أن تؤرخ لمائة عام مضت اختارت أحد الرواة ليكون رئيسا للجنة التي تولت كتابة تاريخ المالديف على مدار قرن كامل.


ومن جانبها تحدث وعائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي، والمنسقة العامة لملتقى الشارقة الدولي للراوي، عن دور الجدات والأمهات في انتشار الحكايات وبقائها حيّة وخاصة تلك الحكايات التي تتعلق بعادة "تخويف الصغار" حتى يسمعوا كلام الأمهات والجدات. وأكدت على أن النساء لهن حضور كبير في فضاء الحكاية.


وأكدت "الشامسي" على أن ما يروى من حكايات وما يُقدم من عروض من قبل ساردي الحكايات المشاركين بملتقى الشارقة للراوي، تكون وليدة اللحظة. وقالت إن "الراوي فنان"، وأن ملتقى الشارقة للراوي نجح في جعل الجميع يفكرون في إضافة الحكايات الشعبية في المناهج المدرسية، وأن الاهتمام بالحكاية وبساردي الحكايات بدأ من ملتقى الشارقة للراوي. وأكدت على ثقتها في استمرار الملتقى في القيام بدوره في خدمة الحكاية ورواتها.


حضر ندوة "اليوبيل الفضي لملتقى الشارقة الدولي للراوي من المحلية إلى العالمية"، نُخبة من الحثين العرب في مجال التراث بينهم: الدكتورة نجيمة طاي طاي الوزيرة المغربية السابقة وخبيرة التراث بمنظمة اليونسكو، والكاتب والباحث سعيد يقطين، والكاتب والباحث الدكتور سمير الضامر، والباحث طلال الرميضي وغيرهم.


يُذكر أن فعاليات النسخة الدورة الـ 25 من ملتقى الشارقة الدولي للراوي المُقام برعاية رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، خلال الفترة من 22 وحتى 26 من شهر (ايلول) سبتمبر الحاري بمشاركة 37 دولة وخليجية وعربية وأجنبية.


الملتقى الذي يُنظمه معهد الشارقة للتراث، تتضمن أنشطته إقامة جلسات علمية، ومعارض تشكيلية وورش متنوّعة، وعروض فنية مستوحاة من تراث الرحالة وحكاياتهم.