جورج إبراهيم عبدالله: سجين القناعة الذي لم يعتذر

علي الشوكي
جورج إبراهيم عبدالله: سجين القناعة الذي لم يعتذر

منذ أربعة عقود، يقف جورج إبراهيم عبدالله، المعلّم اللبناني السابق والمناضل اليساري، في مواجهة السجن الفرنسي، دون أن يتزحزح عن مواقفه أو يُظهر ندمًا على مسيرته. وُلد عبدالله عام 1951 في قرية القبيات بشمال لبنان، ونشأ في بيئة مسيحية من الطبقة الوسطى. انخرط مبكرًا في العمل السياسي عبر الحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978.

شارك لاحقًا في تأسيس "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، وهي مجموعة ماركسية مناهضة للإمبريالية نفّذت عمليات استهدفت دبلوماسيين غربيين. اعتُقل في فرنسا عام 1984، وحُكم عليه لاحقًا بالسجن المؤبد بتهم تتعلق بالتآمر والاغتيال. لكنه في كل مراحل المحاكمة رفض الدفاع التقليدي، واعتبر نفسه "مقاتلًا لا مجرمًا"، معلنًا أن طريقه اختاره دفاعًا عن فلسطين وحقوق الإنسان.

منذ عام 1999، بات مؤهّلًا للإفراج المشروط، لكن السلطات الفرنسية رفضت جميع طلباته، رغم قرار محكمة في 2013 أيد الإفراج بشرط ترحيله، وهو ما لم يُنفذ بسبب عراقيل سياسية وضغوط خارجية.

تحوّل عبدالله إلى رمز في الأوساط اليسارية داخل فرنسا وخارجها، حيث منحته بلديات شيوعية صفة "مواطن فخري"، وكتبت عنه أني إرنو، الحائزة على نوبل، واصفةً قضيته بأنها فضيحة قانونية فرنسية.

ورغم أن المحكمة الفرنسية أصدرت في يوليو 2025 قرارًا جديدًا بالإفراج المشروط، لا تزال الشكوك تحيط بتنفيذه. عبدالله، الذي يرفض أي تنازل أو "بيان ندم"، بقي وفياً لقناعاته، وظلّ رمزا لسجين سياسيّ لا يزال متمسكا بقضية يعتبرها إنسانية قبل أن تكون سياسية.