احتفالا بيوم أفريقيا: شركة المقاولون العرب تقيم جسرا ثقافيا بين 23 دولة من القارة السمراء

حليمة محمد براهمى كاتبة جزائرية فى زيارة خاصة إلى القاهرة
احتفالا بيوم أفريقيا: شركة المقاولون العرب تقيم جسرا ثقافيا بين 23  دولة من القارة السمراء

مفاجآت الاحتفال: عروض أزياء وفنون شعبية وأكلات أفريقية متنوعة



حليمة محمد براهمى

كاتبة جزائرية فى زيارة خاصة إلى القاهرة

فى 25 مايو من عام 1963  وقع ثلاثون رئيس دولة أفريقية على وثيقة تأسيس "منظمة الوحدة الأفريقية" فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، والتى أصبحت فى عام 2002  منظمة الوحدة الأفريقية، ويعتبر يوم الحرية الأفريقية، وبهذه المناسبة وإحياءا لهذه الذكرى؛ أقامت شركة المقاولون العرب بالقاهرة احتفالا بالمناسبة دعت إليه ثلاث وعشرون دولة من دول القارة السمراء، مثلت بلادها رسميا وشعبيا من خلال سفراء وقناصل عموم وموظفى السفارات المختلفة، وكذلك من بين مواطنى هذه الدول وموظفى هيئاتها العاملة فى مصر، تمثلت المشاركة فى إقامة معرضا للمنتجات والأزياء الأفريقية، واستعراضا للأزياء المحلية المعبرة عن ثقافة وتراث كل دولة، إضافة إلى تقديم وجبات متنوعة من المطبخ الأفريقى، إلى جانب قيام عدد من أبناء الجاليات المتعددة بتقديم رقصات وطنية تمثل جانبا من تراثها الوطنى.

بدأ الاحتفال فى الرابعة عصرا بنادى " المقاولين العرب للتجديف" بالعاصمة المصرية القاهرة، واستمر حتى التاسعة من مساء نفس اليوم، حضر الاحتفال عدد كبير من أهم الشخصيات الدلوماسية على رأسهم السفير محمدو لابيرنج سفير الكاميرون وعميد السفراء الأفارقة فى العاصمة المصرية، والسفير على درويش؛ سفير الاتحاد الأفريقى بجامعة الدول العربية، مثل " المقاولون العرب" المهندسة هبة أبو العلا رئيس مجلس الإدارة، والمهندس محمد علوى عضو مجلس الإدارة، والمهندسة أمانى خضير رئيس جهاز متابعة المشروعات الأفريقية، يأتى ذلك على خلفية انتشار أعمال الشركة فى العديد من الدول الأفريقية الشقيقة.

عرضت السفارات المشاركة من خلال أجنحتها لوحات فنية وثقافية حية من طبخ و لباس و رقصات مصحوبة بايقاعات موسيقية مميزة ، أبرز كل منها تراتها المادي وتقاليدها، في أجواء جمعت بين الحماسة والتبادل الثقافي ليصبح الاحتفال  منصة مهمة للتواصل بين الجاليات و التعارف بين شباب القارة، احتفاء بالهوية الأفريقية المشتركة. من بينها الجزائر، المغرب، الكاميرون، نيجيريا، السودان، غينيا، ساحل العاج، تونس، إثيوبيا، السنغال، والكونغو وغيرها من الدول التي تشكل فسيفساء القارة السمراء.و تنوعت المشاركات بين أجنحة خصصت لعرض الأطعمة التقليدية التي تعبّر عن الموروث الشعبي لكل دولة، وأخرى لعرض الأزياء والمنتجات اليدوية والقطع الفنية الأصيلة. كما تميزت الأجواء بعروض فلكلورية راقصة ألهبت حماس الجمهور، حيث صدحت الطبول وتمايلت الأجساد على أنغام أفريقية تنقل عبق القرى من الشمال الى الجنوب الافريقي. لم تكن المشاركة شكلية أو بروتوكولية، بل جاءت لتجسد روح أفريقيا الغنية بثقافاتها، حيث شعر الزائر وكأنه يقوم بجولة في القارة من دولة لدولة وتسابقت الدول المشاركة فى إبراز طابعها المحلي.

التراث الجزائري يزين الجيزة:

 عرض الجناح الجزائرى أزياء و أطباق جمعت بين التقليدي و المعاصر، حيث شاركت الجهات الفاعلة بالتنسيق مع سفارة الجزائر بالقاهرة بفعالية متميزة، تمحورت حول إبراز ثراء وتنوع التراث الجزائري أمام جمهورها من الجاليات والسفارات والشخصيات المهتمة بالشأن الثقافي الأفريقي وتراثه حي. يتكلم بالألوان والنكهات المشاركة الجزائرية لم تكن مجرد حضور رمزي، بل كانت رحلة حقيقية داخل عمق الهوية الجزائرية، حيث أُعد جناح خاص يمثل نبض التراث الوطني، حمل الزوار من أزقة القصبة، الى تلال تلمسان؛ وهران و قسنطينة مرورا بالهضاب العليا و وصولا الى الصحراء و طابعها العربي الأمازيغي. ومن المطبخ التقليدي، ازدانت الطاولات بأطباق تمثل كل منطقة من الجزائر، فكان الكسكس سيد المائدة، بجانبه الشخشوخة، الرشتة، البريك، المحجوبة، الكعك، قلب اللوز، المقروط، وباقي الحلويات التقليدية التي تشهد على سخاء المائدة الجزائرية وتنوعها. لم تكن النكهات وحدها هي الجاذبة، بل طريقة التقديم التي عكست ذوق المرأة الجزائرية واهتمامها بالتفاصيل، من الصحون المزخرفة إلى الزينة المستوحاة من البيوت التقليدية. تحولت الأزياء التقليدية، إلى عرض فني ساحر، جسّد تنوع اللباس الجزائري من منطقة إلى أخرى. ظهرت العارضات بلباس يمثل المدن الكبرى والقرى والواحات، من القفطان التلمساني، الكاراكو العاصمي، البلوزة الوهرانية، الجبة القبائلية، الحايك الأبيض، إلى الملحفة الصحراوية، في توليفة متكاملة أظهرت كيف يجمع التراث الجزائري بين الاختلاف الجغرافي والتنوع الثقافي

الجمهور يكتشف الجزائر من جديد:

 أبدى بعض الحضور، من جنسيات متعددة إعجابا كبيرا بما شاهد وتذوق حيث أستوقف كثيرون مطولا لطرح الأسئلة والتقاط الصور والتعرف على خلفيات القطع المعروضة. البعض عبّر عن دهشته من تعدد الأزياء واختلافها داخل بلد واحد، والآخرون أثنوا على الأطباق ونكهاتها المميزة التي تعكس تقاليد ضاربة في القدم

 التعددية عمق حضاري:

برز الجناح النيجيري بأزيائه الزاهية، خصوصا اللباس اليوروبي والإيبو، الذي يميز أكبر مجموعتين عرقيتين في البلاد،و قدمت نيجيريا أطباقا مشهورة في البلد جذبت أنضار الزوار مع رقصاتها الإيقاعية الجماعية جمعت بين الحيوية والانسجام. السودان... بساطة الشعب على ضفاف النييل الجناح السوداني أبرز جانبا من روح الضيافة النيلية، من خلال تقديم الشاي التقليدي مع التمر، وأطباق كالعصيدةوالكسرة،أما الأزياء فكان الثوب السوداني حاضرا كزي نسائي متجدر مع عرض موسيقي حية باستخدام الطبل والصفارة التقليدية. ساحل العاج... ألوان الحياة في قالب تراثي الوفد العاجي قدّم عروضا راقص مبهج على أنغام الطبول الأفريقية الخاصة بالبلد عرف الحضور بأزياء مزخرفة منسوجة يدويً تعبر عن الطابع الغربي لساحل العاج. ومن الأطباق التي لاقت إعجاب الزوار أتتيكيه وألوكو، وهي أطباق تعتمد على الكسافا والموز المقلي. تونس. المتوسط بروح إفريقية لمسنا في الجناح التونسي عبق البحر المتوسط بعمق الانتماء الأفريقي، حيث عرضت أزياء من مختلف المناطق تونس الخضراء ومن اهم الألبسة الحرير القيروانيو أكلة لكسكسي بالسمك ، والبريك التونسي وسط أجواء موسيقية تراثية ناعمة. رسالة ثقافية بمميزة لم تكتف البلدان بعرض صور أو أشياء جامدة، بل قدمت تراثا حيا ينبض بالحياة. كانت رسالة السفارات تعبر عن مدى جمال الإختلافات بين شعوب القارة من لون ومذاق وزخرفة. ثقافة عريقة ضاربة في القدم، ومجتمع متنوع لكن موحَّد تحت راية قارة لا تضاهيها اي قارات العالم. العادات و التقاليد الضاربة تراث يعتبر جسرا روحيا للتواصل بين الافارقة أكدت هذه المشاركة أن التراث ليس مجرد ماض يعرض، بل هو جسر قوي للتواصل بين الشعوب، وأداة لتعزيز الفهم والتقارب. وبهذا تكون الدول المشاركة نجحت في تقديم نفسها اليوم لا كبلد على الخارطةبل كحكاية نابضة تسردها كل زينة تقليدية، وكل رائحة طعام، وكل قطعة قماش مطرزة بأصابع سيدات . أفريقيا تحتفل بنفسها و تنقل صورة ضاربة في التاريخ نجحت هذه التظاهرة الثقافية في نقل صورة نابضة عن أفريقيا، قارة التنوع والغنى والبهاء. من الجزائر إلى السنغال، ومن تونس إلى الكونغو، عبّرت كل دولة عن هويتها بأسلوب فريد، لتشكل معاً لوحة فسيفسائية حيّة تجسّد وحدة القارة في تنوعها. لقد كان يوم أفريقيا أكثر من مجرد احتفال؛ كان إعلان حبّ للفن والتراث والجذور، ونداءً لاستمرار الحوار الثقافي بين شعوب القارة والعالم.