عطور مصر القديمة: رحلة ساحرة في عبق الحضارة بالمتحف المصري بالتحرير

حجاج سلامة
عطور مصر القديمة: رحلة ساحرة في عبق الحضارة بالمتحف المصري بالتحرير


في قلب المتحف المصري بالتحرير، يأخذ معرض "عطور مصر القديمة عبر العصور" الزوار في رحلة إلى عالم العطور الذي شكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والطقوس الدينية في مصر القديمة. يأتي هذا المعرض المميز بالتعاون مع جامعة بول فاليري مونبلييه 3 الفرنسية، ومعمل لابكس أرشيمد، ومؤسسة اللغة الهيروغليفية "هيرولكسيك"، في إطار تسليط الضوء على صناعة العطور واستخداماتها عبر التاريخ.


المعرض يضم مجموعة استثنائية من القطع الأثرية التي تكشف أسرار العطور المصرية القديمة، بدءًا من تماثيل للملكة حتشبسوت والإله آمون رع، ووصولًا إلى مناظر تصور رحلات الملكة الشهيرة إلى بلاد بونت لجلب المُر واللبان، المواد الخام التي شكلت الأساس لصناعة العطور. كما يعرض زهورًا مجففة تعود إلى عصر الدولة الحديثة، وأواني مميزة لحفظ العطور، إلى جانب نصوص بردية تحمل وصفات تفصيلية لتحضيرها.


التجربة لا تقتصر على القطع الأثرية فقط، بل تمتد لتشمل تقنية الواقع الافتراضي التي تتيح للزوار فرصة معايشة الحياة اليومية في مصر القديمة. من خلال هذه التقنية، يمكن للزوار استكشاف دور العطور في الطقوس الدينية، وعمليات التحنيط، وحتى الاستخدامات السياسية والاجتماعية، مما يمنحهم نظرة أعمق على عبقرية المصريين القدماء. كما يقدم المعرض فرصة فريدة لاستنشاق روائح عطور أعيد تركيبها بدقة وفقًا للنصوص القديمة، تحت إشراف فريق الترميم بالمتحف.


أكد مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، على أهمية هذا المعرض الذي يعكس التعاون المثمر بين مصر وفرنسا في المجال الأثري. وأعرب عن تقديره للجهود المبذولة في تنظيم المعرض ليخرج بالشكل اللائق، مشيرًا إلى أن العطور لم تكن مجرد عنصر تجميلي، بل شكلت جزءًا جوهريًا من الطقوس والحياة اليومية في مصر القديمة.


شهد حفل الافتتاح حضور نخبة من المسؤولين والخبراء في مجال الآثار، بينهم الدكتور علي عبد الحليم، مدير عام المتحف المصري بالتحرير، والدكتورة حنان جابر، الباحثة في علم المصريات بجامعة مونبلييه، وعدد من كبار المتخصصين في علوم الآثار ومديري المعاهد الأجنبية. الحضور الكبير يعكس أهمية الحدث وقيمته الثقافية والتاريخية.


المعرض الذي يستمر لمدة ثلاثة أشهر يمثل تجربة استثنائية لعشاق التاريخ والحضارة. إنه أكثر من مجرد استعراض للعطور، بل هو نافذة حية على جانب من حياة المصريين القدماء، حيث يندمج عبق الماضي مع تقنيات الحاضر، ليخلق تجربة ثرية لن تُنسى.