الجوائز.. موضوعية أم حسب الطلب؟!

صلاح بوسريف- المغرب
الجوائز.. موضوعية أم حسب الطلب؟!


صلاح بو سريف

الجوائز نوع من التكريم والاعتراف.. في كل جغرافيات الكون، وتوجد جوائز في مختلف التعبيرات الفنية والجمالية، وبينها الكتابة الإبداعية، طبعًا.

ولا تعد هذه الجوائز هبات، أو ريعًا، أو منحًا وهدايا، تُعطي على المقاس، بل تُمنح للأعمال التي يمكن أن تكون ذات قيمة مضافة، أو جرأة واختراق، أو حافزًا للإبداع، وليس بها تكرار واستعادة، أو هي نمط، وليست أفقًا وطريقًا.

لذلك، ففي الغرب، خاصة، يصعب أن نطعن في هذه الجوائز، لأنها مضبوطة بقوانين ومعايير صارمة، وجهاز تتبع ومراقبة وتدقيق، ما يجعل نزوات الأفراد تقل، أو تنعدم. فتظهر روح الديمقراطية والتنافسية، التي هي انعكاس لثقافة وتربية، وليست ادعاء.

أما عندنا، في العالم العربي، فهي، في أغلبها، ملك لمن تصدر عنه، أو يمولها، الذين لا يحتكمون إلى الإبداع، ولا يعنيهم النص، بل ما يرغبون في تكريسه من كتابات أو من كتاب، وخير مثال لذلك جوائز الخليج، وعلى رأسها "البوكر"، التي ساهم كتاب ونقاد معروفون في سقوطها في فخ السلطة والمال.

ينتهي أغلب الأعمال الفائزة في العالم العربي، بانتهاء الجائزة، ولا تستطيع أن تخلق أفقًا جديدًا ومغايرًا للكتابة، بل تجد كتابها بدورهم، فيما يصدرونه من أعمال لاحقة، أقل قيمة حتى من أعمالهم السابقة، فصدمة الجائزة، تجعله يصاب بدوار الكتابة، ويفقد القدرة على الإبداع خارج هذا الشرط وإكراه الجائزة.

يفصِّل أغلب المتقدمين إلى الجوائز كتاباتهم على مقاس الجائزة. وبات كتاب الرواية الآن يصارعون الزمن، لإصدار أعمالهم قبل انتهاء تاريخ الترشح، وهذا فيه قتل واغتيال للإبداع، لما يتطلبه العمل من حرية وتفكير وبحث، ووقت أيضًا.

صارت الكتابة اليوم تحت الإكراه، أو الطلب، وكل كتابة تسير في هذا المجرى، حتمًا هي كتابة دون معنى، وهي، بالتالي، تفقد شرطها الجمالي الإبداعي، وهذا هو دور المؤسسات عندنا، فهي تعمل على تشويه الإبداع، وتنميطه، وفق رؤيتها لا رؤية الكاتب، وما يسعى إليه من خرق واختراق.

غياب الديمقراطية، والاستقلالية في الرأي والقرار، وغياب الموضوعية والتجرد، يفقد الجوائز في العالم العربي المصداقية، حتى لو كانت مستحقة، فنحن ننظر إليها بنوع من التحفظ والارتياب، عطفًا على ما يجري في عموم الجوائز من تزوير وتحوير، بمنحها لكتاب لم يعودوا موجودين إبداعيًا، رغم أنهم ما زالوا يكتبون، لأن ما يكتبونه، انتهت مدة صلاحيته، مثل سلع السوبر ماركت.